أروع ما قيل في الإخوانيات
---------------------------
كتاب اليوم لا يحمل أفكار كاتب أو شاعر بل يحمل زبدة ما قيل من أدبائنا وشعرائنا عبر العصور في رسائلهم الإخوانية التي تتوارى في طيات أوراقهم أو ما نظموه من أشعارهم، إنه كتاب يحمل أفكار مجموعة من هؤلاء الأدباء والشعراء الذين كانت تدور بينهم رسائل وأشعار تكشف لنا عن جوانب شخصية في حياتهم كانوا يحكونها ويسرون بها إلى أصدقائهم.
بمجرد أن قرأت عنوان الكتاب شدني إليه وعاد بي إلى أيام خوالي، بدأت فيها تقليد الكتاب في كتاباتهم، تتذكرون جميعا درس “توجيهات إلى الكتاب” لعبد الحميد الكاتب للسنة الأولى ثانوي (تعلمت من أثناءها الكثير) وهو موجود بهذه الروائع في رسالة إلى الكتاب من مجموعة رسائل كان يكتبها، هناك أيضا تعلمنا فن الإخوانيات وهو فن أدبي يحمل من الفنون الشعرية والنثرية، قررت أن أقرأه هذا الأسبوع وترددت في الكتابة عنه، ولكن حسبي أنه كتاب يحمل خلاصة أقوال وأبيات من عظام أدبائنا وشعرائنا، فهل هناك أفضل من العصارة للنهم منها وتذوقها؟؟
الكتاب ألفه أو بالأحرى جمعه “إيميل ناصيف” لدار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ببيروت، (الطبعة الأولى 1996) ضمن سلسلة “أروع ماقيل” والتي تضمنت أيضا أروع ماقيل في الاجتماعيات والحب والغزل والفخر والمديح والحكمة والوطنيات والرباعيات والوجدانيات.. وغيرها من ضروب الأدب.
قد يكون من الصعب أن أختار لكم الأروع من أروع ما قيل في طيات هذا الكتاب الذي جاء في 144 صفحة، قدم لها المؤلف بالحديث في ثلاث أبواب عن: الأخ في الدين (القرآن والحديث والإنجيل) وفي الأمثال (العربية واللبنانية والعالمية) وفي الحكم العربية والعالمية والشعر العربي، وبعضا من رثاء الإخوة في الشعر. ثم بجمع إخوانيات سبعة عشر أديبا وشاعرا منهم عبد الحميد الكاتب، البحتري، الحمداني، ولي الدين يكن، جبران، شوقي، الشابي، الرصافي، مي، مارون عبود، طه حسن، توفيق الحكيم وغيرهم..
أحببت أن أضع بين يديكم رسالة عتاب من ولي الدين يكن إلى الأديبة مي زيادة:
يا شمس الآداب في سما الشرق: قيل لي إنك غاضبة، فكان ما قيل كسهم نفذ من الكبد من غير أن يقتل فيريح. ولكن ما ذنبي الذي استوجبت به هذا العقاب؟ ناشدتك عهمود الأدب. لا تغضبي. دومي على ما عودتني. إني أسعى بجسماني مسترضيا كما تسعى إليك روحي مراضية. وإذا لم أجد أملا في رضاك نقمت على الكائنات، فنفست عن حسراتي حتى تذوب جبالها، ويمحى كتاب سمائها….
ومن أجمل ما قرأت أيضا في الكتاب أن أمير الشعراء أحمد شوقى وهو في المنفى بإسبانيا، بعث إلى صديقه شاعر النيل حافظ إبراهيم يقول :
يا ساكنى مصر إنا لا نزال على ** عهد الوفاء، وإن غبنا، مقيمينا
هلا بعثتم لنا من ماء نهركم ** شيئاً نـبل به أحشاء صادينا
كل المناهــل بعد النـيل آسنة ** ما أبعد النيل إلا عن أمانينا
فرد عليه حافظ إبراهيم قائلاً بنفس الوزن والقافية:
عجبت للنيل يدرى أن بلبله ** صاد، ويسـقى ربا مصر ويسقينا
والله ما طاب للأصحاب مورده ** ولا ارتضوا بعدكم من عيشه لينا
لم تنأ عنه وإن فارقت شاطئه ** و قـد نـأينا، وإن كــنا مقيميـنا
--------------------------------------------------------
إرسال تعليق
شكرا جزيلا